الأمم المتحدة: خطة السيطرة على غزة تهدد بمزيد من التهجير والدمار ومعاناة المدنيين
الأمم المتحدة: خطة السيطرة على غزة تهدد بمزيد من التهجير والدمار ومعاناة المدنيين
حذرت الأمم المتحدة من أن الخطة الإسرائيلية الأخيرة بشأن قطاع غزة قد تشعل فصلاً جديداً ومروعاً في الصراع، مع تداعيات إنسانية وأمنية قد تتجاوز حدود فلسطين وإسرائيل، جاء ذلك خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن، حيث استعرض مسؤولون أمميون مخاطر القرار على أكثر من 800 ألف مدني في غزة، كثير منهم نازحون أصلاً من جولات قتال سابقة.
خطة السيطرة الكاملة
الخطة التي أقرها المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي، بناءً على مقترح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تتضمن خمسة مبادئ رئيسية تشمل نزع سلاح حركة حماس، الإفراج عن جميع الرهائن، تجريد القطاع من أي قدرات تسليحية، فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية، وإنشاء إدارة مدنية بديلة ليست تابعة لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية.
وفق تقارير إعلامية إسرائيلية، تهدف الخطة إلى إخلاء مدينة غزة بالكامل من سكانها بحلول 7 أكتوبر 2025، ثم محاصرتها لثلاثة أشهر متواصلة، يتبعها شهران من العمليات العسكرية للسيطرة على مخيمات وسط القطاع، وهذه الإجراءات، إذا نُفذت، تعني موجة تهجير قسري جديدة ومأساة إنسانية متصاعدة، في ظل انهيار الخدمات الأساسية ونقص حاد في المساعدات.
تحذيرات أممية من تداعيات إقليمية
ميروسلاف ينتشا، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، أكد أن تنفيذ هذه الخطة سيؤدي إلى كارثة جديدة، ويضاعف المعاناة التي يعيشها سكان غزة منذ قرابة عامين، وشدد على أن وقف المعاناة يتطلب وقفاً فورياً ودائماً لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وضمان إيصال المساعدات دون عوائق، مع حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني.
راميش راجاسينغهام، مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف، وصف معاناة الفلسطينيين والإسرائيليين خلال الـ 22 شهراً الماضية بأنها "مؤلمة للروح"، وأشار إلى أن أكثر من 61 ألف فلسطيني قُتلوا منذ اندلاع الحرب، بينهم 18 ألف طفل، فيما أصيب 151 ألف آخرون، الأرقام تعكس مأساة إنسانية كبرى تتفاقم يوماً بعد يوم، مع تصعيد العمليات العسكرية.
الضفة الغربية في دائرة القلق
التحذيرات لم تقتصر على قطاع غزة، إذ لفتت الأمم المتحدة إلى أن توسيع العمليات قد يزيد من توتر الأوضاع في الضفة الغربية، حيث تتواصل أعمال العنف وهدم المنازل واعتداءات المستوطنين، في ظل غياب الاهتمام الدولي الكافي بهذه الجبهة.
المسؤولون الأمميون ذكّروا بقرارات محكمة العدل الدولية التي طالبت إسرائيل بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي المحتلة، والامتثال لاتفاقية منع الإبادة الجماعية، كما دعوا جميع الدول إلى ممارسة نفوذها لوقف "اللاإنسانية" وتهيئة الظروف لحل سياسي دائم، مؤكدين أن القانون الدولي الإنساني يجب أن يظل البوصلة في النزاعات.
موقف الأمين العام ومفوض حقوق الإنسان
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وصف خطة السيطرة على غزة بأنها تصعيد خطِر قد يعمق الكارثة الإنسانية، فيما طالب مفوض حقوق الإنسان فولكر تورك بوقف فوري للخطة، محذراً من تداعياتها المدمرة على حياة المدنيين ومستقبل القطاع.
اندلعت الحرب في غزة في 7 أكتوبر 2023 بعد هجوم مفاجئ شنته حركة حماس أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص في إسرائيل. وردت إسرائيل بعملية عسكرية واسعة أدت إلى مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير واسع للبنية التحتية. ومع استمرار الحصار المفروض منذ عام 2007، يعيش أكثر من مليوني شخص في غزة في ظروف متدهورة، وسط انقطاع الكهرباء وشح المياه ونقص الغذاء والدواء.
القانون الدولي الإنساني، المتمثل في اتفاقيات جنيف، يفرض على أطراف النزاع حماية المدنيين وتجنب التهجير القسري وضمان وصول المساعدات. لكن تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية تشير إلى أن الوضع في غزة يمثل واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مع خطر وشيك لحدوث مجاعة، وتزايد المخاوف من أن يؤدي التصعيد الأخير إلى انهيار شامل للمنظومة الإنسانية في القطاع.